عقود التأجير المنتهي بالتمليك بعد وفاة المستأجر في ألمانيا
الموقف القانوني الألماني والاعتبارات الشرعية في الأسر المسلمة
عقود التأجير المنتهي بالتمليك (Leasing mit Kaufoption أو Mietkaufvertrag) باتت وسيلة شائعة لاقتناء العقارات أو المركبات أو الآلات في ألمانيا، لا سيّما في أوساط الجاليات المسلمة التي تسعى إلى حلول تمويلية مرنة بعيدًا عن الفوائد البنكية.
لكن ما مصير هذه العقود إذا تُوفي المستأجر؟
وهل يجوز شرعًا للورثة مواصلة العقد؟
وما هو الإجراء القانوني الواجب اتخاذه؟
في هذا المقال نوضح الموقف من الجانبين: القانوني الألماني والشرعي الإسلامي، بصورة متوازنة وموثقة.
أولاً: ما هو عقد التأجير المنتهي بالتمليك؟
عقد مركّب يجمع بين:
عقد إيجار يتيح الانتفاع بالعين (منزل، سيارة...) مقابل قسط شهري.
خيار الشراء أو التملك بنهاية المدة، عادة بسداد مبلغ رمزي أو نهائي.
أنواعه في ألمانيا:
Leasing mit Kaufoption: عقد إيجار مع خيار شراء.
Mietkauf: الإيجار يُحتسب كدفعات لشراء مؤجل.
ماذا يحدث قانونًا عند وفاة المستأجر؟
في ألمانيا، يخضع العقد للأحكام التالية:
1. انتقال الالتزام للورثة (§ 1922 BGB)
العقود المالية تنتقل للورثة، بما فيها الالتزامات الشهرية المتبقية.
الورثة يملكون الخيار بين:
الاستمرار في العقد بنفس الشروط.
أو الانسحاب منه، وفق شروط الفسخ (Kündigungsklausel).
2. إذا كان العقد شخصيًا (z. B. عند Leasing سيارة)
بعض العقود تحتوي على بند "شخصية الالتزام" (Personenbezogener Vertrag)، وفي هذه الحالة:
يُلغى العقد تلقائيًا بوفاة المستأجر.
وتُعاد السلعة للمالك (البنك أو الشركة)، دون نقل الملكية.
3. التواصل مع الجهة المؤجّرة
يتوجب على الورثة أو الوصي الشرعي إخطار جهة العقد فورًا.
يُطلب تقديم شهادة وفاة وإثبات الوراثة (Erbschein أو Testament).
الاعتبارات الشرعية لعقد التأجير المنتهي بالتمليك
من منظور الشريعة الإسلامية:
إذا كان العقد مبنيًا على بيع مؤجل مضاف إلى المستقبل المشروط بالإيجار، فقد يكون محل خلاف بين الفقهاء.
لكن عند الوفاة، يجب النظر إلى الآتي:
1. إذا تضمن العقد بند تملك عند السداد الكامل:
يُعتبر دينًا في ذمة المتوفّى، ويُحسب ضمن التركة.
يجوز للورثة سداد المتبقي وتملك الأصل إن لم يكن فيه ربا.
2. إذا كان فيه فوائد محرّمة:
يُنصح بتصفية العقد، وبيع الأصل (إن أمكن) لتسديد الدين، وتجنّب الوقوع في الربا.
3. إذا نصّ العقد على تأمين الوفاة (Restschuldversicherung):
يجب التأكد من أنه ليس تأمينًا ربويًا، أو على الأقل تجنب استخدامه إلا للوفاء بالدين دون أرباح زائدة.
موقف الورثة: ما الخيارات المتاحة لهم؟
الحالة |
الإجراء المقترح |
رغبة الورثة في مواصلة العقد |
يقدمون طلب نقل العقد، بعد موافقة المؤجِّر |
عدم الرغبة أو عدم القدرة |
يطلبون إنهاء العقد، وتسليم الأصل |
الأصل له قيمة سوقية |
يمكن بيعه لسداد ما تبقّى، وتوزيع الباقي كتركة |
الأصل عديم الجدوى (z. B. سيارة متعطلة) |
يسلَّم دون التزامات إضافية إذا نصّ العقد على ذلك |
نقاط يجب الانتباه لها
بعض العقود تحتوي على قيمة شراء إجبارية في نهاية المدة، وليست اختيارية.
إذا دُفع معظم الأقساط، فقد يكون من الأنفع ماليًا للورثة إنهاء العقد بالشراء ثم البيع.
وجود تأمين على العقد (Restschuldversicherung) قد يغطي المبلغ المتبقي، ويمنع عبئًا ماليًا على الورثة.
الخلاصة
عقود التأجير المنتهي بالتمليك تستمر بعد وفاة المستأجر، ما لم يُنص صراحة على غير ذلك.
ورثة المتوفى مخيّرون بين الاستمرار، التصفية، أو تسليم الأصل، بشرط الالتزام بالإبلاغ القانوني السريع.
أما شرعًا، فيُراعى ألا يتضمن العقد محرمات، وأن يتم توزيع التركة بعد سداد الحقوق المتعلقة بالمال، ومنها الأقساط المتبقية.
الموازنة بين الالتزام القانوني وحماية الحقوق الشرعية تتطلب فهماً دقيقًا للعقد، وتدخّلًا حكيمًا من المستشارين.
---------------------------------------
ـ* يحرص فريق الكتاب والمحررين في موقع على تقديم معلومات دقيقة من خلال بحث مكثف واطلاع على عدة مصادر عند كتابة المقالات، ومع ذلك قد تظهر بعض الأخطاء أو ترد معلومات غير مؤكدة. لذلك، يُرجى اعتبار المعلومات الواردة في المقالات مرجعية أولية والرجوع دائماً إلى الجهات المختصة للحصول على المعلومات المؤكدة.