دفع الديون الشرعية قبل توزيع الميراث
كيف تنظّم القوانين الألمانية أولوية تسديد الالتزامات قبل تقسيم التركة؟
عند وفاة أحد المسلمين في ألمانيا، تُثار تساؤلات عديدة حول كيفية التعامل مع الديون الشرعية (مثل الديون المالية، الحقوق المؤجلة، المهور، الزكاة) قبل توزيع الميراث. وفي حين أن الشريعة الإسلامية تُقرّ مبدأ أولوية سداد الديون قبل قسمة التركة، تختلف الآليات القانونية المطبقة في ألمانيا التي تستند إلى Bürgerliches Gesetzbuch (BGB)، القانون المدني الألماني.
فكيف يمكن التوفيق بين الأحكام الشرعية والآليات القانونية الألمانية؟ وهل يتيح القانون الألماني إمكانية الوفاء بالديون الشرعية قبل توزيع الحصص الوراثية؟ إليك التفاصيل الكاملة.
المبدأ الشرعي: الديون مقدّمة على الميراث
وفقًا للفقه الإسلامي، يُقسَّم التَّرِكة على النحو التالي:
تجهيز المتوفى (تكاليف الدفن)
سداد الديون (ديون دينية ومدنية)
تنفيذ الوصايا
توزيع الميراث حسب الفرائض
قال الله تعالى:
"من بعد وصية يوصي بها أو دين" – [النساء: 11]
وبالتالي، يُمنع شرعًا توزيع التركة قبل وفاء كل الديون، سواء كانت موثقة أو شفهية، رسمية أو عرفية، ويشمل ذلك حقوق الأفراد وزكاة المال إن كانت مستحقة.
المبدأ القانوني: حماية الدائنين أولًا
ينص القانون الألماني في المادة §1967 BGB على أن:
"Der Erbe haftet für die Nachlassverbindlichkeiten."
أي أن الوريث مسؤول عن ديون التركة.
أنواع الديون المعترف بها قانونًا:
الديون المالية المسجلة (مثل القروض، الضرائب)
رسوم الدفن (Beerdigungskosten)
التزامات العقود القائمة قبل الوفاة
المطالبات الشخصية (مثل المهور أو عقود البيع)
يتم التعامل مع التركة كوحدة مالية مستقلة تُصفى أولًا، ثم يُوزع الفائض إن وجد.
كيف تتم التصفية قبل توزيع الإرث؟
فتح حساب Nachlasskonto لجمع أموال المتوفى بعد وفاته.
حصر الديون رسميًا من خلال مراجعة العقود والمطالبات.
تحديد التزامات التركة وتقدير تكاليف الدفن ونفقات المحكمة.
سداد الديون من التركة بترتيب زمني ووفق المستندات المقدمة.
توزيع المتبقي فقط بعد الانتهاء من جميع التسويات.
في حال تعذر السداد الكامل، يُعتبر الورثة ملزمين ضمن حدود الإرث، ويمكنهم اللجوء إلى خيار "Erbausschlagung" أي رفض الميراث لتجنّب تحمل الديون الزائدة.
هل تُقبل الديون غير الموثّقة شرعًا أمام المحكمة؟
نظريًا: لا، لأن القانون الألماني يعتمد على الإثبات الخطي أو ما يعادل ذلك.
لكن عمليًا:
يمكن للورثة الاتفاق طوعيًا على سداد دين شرعي حتى دون إثبات قانوني، كجزء من احترام الوصية.
يُستحسن كتابة الدين أو الوصية المسبقة ضمن وثيقة رسمية أو لدى كاتب عدل لضمان القبول.
في حالات مثل المهر غير المدفوع أو دين خاص لأحد الأقارب، يُمكن تقديم شهادة خطية من الشهود لدعم إثبات الدين، وإن لم يكن ملزمًا قضائيًا.
كيف يمكن إدراج الزكاة والحقوق الدينية كديون؟
الزكاة التي لم تُدفع، والحقوق المالية التي ترتبت على المتوفى، لا تُصنّف ضمن الديون القانونية ما لم تُذكر في وصية موثقة أو عقد مالي مكتوب. لذا يُنصح بـ:
كتابة وصية شرعية يوضّح فيها الشخص أنه مدين بزكاة معينة أو دين لمؤسسة إسلامية.
تحديد جهة الدفع والمبلغ المقدر في مستند مصدّق لضمان الاعتراف به ضمن تصفية التركة.
تعيين منفّذ وصية (Testamentsvollstrecker) يلتزم بتنفيذ هذه البنود قبل توزيع الحصص.
توصيات عملية للمسلمين المقيمين في ألمانيا
الإجراء |
السبب |
إعداد وصية مكتوبة وموقّعة تشمل الديون الشرعية |
لضمان تنفيذها قانونيًا |
إبلاغ الورثة مسبقًا بالديون الشرعية أو الدنيوية |
لتجنب النزاعات بعد الوفاة |
تعيين منفّذ وصية موثوق (ممكن من أحد الأبناء) |
لتطبيق الشريعة والقرارات المالية |
الاحتفاظ بسجل مكتوب لكل التزامات الزكاة أو القروض الشخصية |
لإثباتها قانونًا عند اللزوم |
خلاصة
في ألمانيا، يتيح القانون المدني إطارًا واضحًا لتصفية الديون قبل الميراث. وعلى الرغم من أن الديون الشرعية – كزكاة أو مهر – قد لا تُعترف بها تلقائيًا دون وثائق، إلا أن المسلم الواعي يمكنه أن يسبق الزمن ويوثّق ما يجب، حتى لا تُنتهك الحقوق أو يُوزّع المال قبل أن يُؤدّى حقه.
التوفيق بين الدين والقانون يبدأ من الآن، قبل أن يُغلق السجل.
---------------------------------------
ـ* يحرص فريق الكتاب والمحررين في موقع على تقديم معلومات دقيقة من خلال بحث مكثف واطلاع على عدة مصادر عند كتابة المقالات، ومع ذلك قد تظهر بعض الأخطاء أو ترد معلومات غير مؤكدة. لذلك، يُرجى اعتبار المعلومات الواردة في المقالات مرجعية أولية والرجوع دائماً إلى الجهات المختصة للحصول على المعلومات المؤكدة.