التبرع بالأعضاء في ألمانيا (Organspende)
بين موقف الشريعة الإسلامية واللوائح القانونية – دليل شامل للمسلمين المقيمين
يُعد موضوع التبرع بالأعضاء بعد الوفاة (Organspende nach dem Tod) من أكثر المسائل حساسية وتعقيدًا، خصوصًا لدى المسلمين في ألمانيا، حيث تتداخل الاعتبارات الدينية، الإنسانية، والقانونية.
في هذه المقالة، نسلّط الضوء على:
موقف الفقه الإسلامي من التبرع بالأعضاء
الإطار القانوني في ألمانيا
كيفية تنظيم التبرع أو الرفض عبر الوثائق الرسمية
أهم النقاط التي ينبغي على الأسر المسلمة معرفتها مسبقًا
أولًا: ما هو التبرع بالأعضاء في القانون الألماني؟
وفقًا لقانون الزرع (Transplantationsgesetz – TPG)، يُمكن إزالة أعضاء الشخص المتوفى (مثل القلب، الكليتين، الكبد، القرنيتين...) بشرطين أساسيين:
أن يكون هناك تصريح صريح من الشخص قبل وفاته
أو، إن لم يكن هناك تصريح، موافقة أقرب الأقارب بعد الوفاة
لا يُسمح أبدًا بنزع الأعضاء دون أحد هذين الشرطين، حتى في حالات الوفاة الدماغية المؤكدة.
ثانيًا: موقف الفقه الإسلامي – متى يجوز التبرع بالأعضاء؟
1. المبدأ العام: حرمة الجسد بعد الوفاة
في الفقه الإسلامي، لجسد الإنسان حرمة بعد موته كما في حياته، وهو أمانة لا يجوز العبث بها.
لكن العديد من المجامع الفقهية المعاصرة أصدرت فتاوى تُجيز التبرع بالأعضاء بشروط صارمة، منها:
مجمع الفقه الإسلامي الدولي (جدة)
هيئة كبار العلماء في السعودية (جزئيًا)
دار الإفتاء المصرية
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث
2. الشروط الشرعية لجواز التبرع بالأعضاء:
الشرط |
الشرح |
أن يكون التبرع من الميت قبل وفاته بإرادته |
لا يجوز التبرع من غير موافقته الصريحة |
أن يكون في إبقاء حياة مؤكدة لشخص آخر |
وليس لأغراض تجميلية أو بحثية مشبوهة |
ألا يكون التبرع مقابل المال |
التبرع يجب أن يكون لوجه الله |
أن لا يسبب التبرع امتهانًا للجثمان |
أي يتم التعامل مع الجثمان باحترام وفقًا للمعايير الشرعية |
ألا يُفضي إلى فتنة داخل الأسرة أو المجتمع |
خصوصًا إذا كان هناك خلاف ديني أو ثقافي حول الموقف |
بعض الفقهاء، مثل المدرسة الظاهرية، ترفض التبرع بالأعضاء رفضًا تامًا، في حين تتبنى مدارس أخرى موقفًا مرنًا بشروط.
ثالثًا: كيف يُعبّر المسلم عن موقفه رسميًا في ألمانيا؟
1. بطاقة التبرع بالأعضاء (Organspendeausweis)
وثيقة صغيرة يمكنك تعبئتها واختيار أحد الخيارات التالية:
نعم، أوافق على التبرع بجميع أعضائي
نعم، أوافق على التبرع بأعضاء محددة فقط
لا، أرفض التبرع بالأعضاء
أترك القرار لعائلتي / شخص معين
يمكن طلب هذه البطاقة مجانًا من الصيدليات، البريد، أو الموقع الرسمي www.organspende-info.de.
2. إدراج القرار في وصية (Patientenverfügung)
يُفضل أن يُذكر الموقف من التبرع بالأعضاء في الوصية الطبية المسبقة (Patientenverfügung)، والتي تكون معتمدة قانونيًا.
يمكن كتابة:
„Aus religiösen Gründen lehne ich eine Organspende ab.“
(لأسباب دينية، أرفض التبرع بالأعضاء)
رابعًا: هل يمكن لعائلة المتوفى المسلم رفض التبرع حتى لو لم يكن هناك تصريح؟
نعم.
إذا لم يكن هناك تصريح سابق من المتوفى، فإن القانون الألماني يطلب موافقة أقرب الأقارب – الزوج/الزوجة، الأولاد، أو الوالدين.
وهنا، يمكنهم رفض التبرع استنادًا إلى القناعة الدينية للمتوفى، حتى دون وجود بطاقة مكتوبة.
خامسًا: نصائح للمسلمين المقيمين في ألمانيا
النصيحة |
السبب |
احمل دائمًا بطاقة توضح موقفك من التبرع بالأعضاء |
لتجنب اتخاذ قرارات خاطئة بعد الوفاة |
ناقش الأمر مع العائلة مسبقًا |
كي يتصرفوا بناءً على رغبتك بوضوح |
استخدم لغة واضحة في الوصية الطبية |
تجنب الصيغ العامة مثل "حسب الرغبة" |
اختر شركة دفن إسلامية على دراية بالأمر |
لأن بعض المستشفيات تطلب تأكيدًا سريعًا بعد الوفاة |
خلاصة
التبرع بالأعضاء في ألمانيا مسموح به قانونًا فقط بموافقة المتوفى أو ذويه،
أما في الشريعة الإسلامية، فهو أمر مباح بشروط لدى جمهور الفقهاء، ويُعد صدقة جارية إذا أنقذ حياة إنسان.
يبقى القرار شخصيًا، لكنه يحتاج إلى وضوح مكتوب وحوار مسبق مع العائلة لضمان احترام رغبة المتوفى دينيًا وإنسانيًا.
---------------------------------------
ـ* يحرص فريق الكتاب والمحررين في موقع على تقديم معلومات دقيقة من خلال بحث مكثف واطلاع على عدة مصادر عند كتابة المقالات، ومع ذلك قد تظهر بعض الأخطاء أو ترد معلومات غير مؤكدة. لذلك، يُرجى اعتبار المعلومات الواردة في المقالات مرجعية أولية والرجوع دائماً إلى الجهات المختصة للحصول على المعلومات المؤكدة.