بيع عقار موصى به للأعمال الخيرية في ألمانيا: هل يتطلب موافقة المحكمة؟
التزامات الورثة القانونية عند تنفيذ الوصايا الخيرية المتعلقة بالعقارات
في حالات الوصايا التي يترك فيها المتوفى عقارًا لأغراض خيرية – سواء لصالح مسجد، جمعية، أو مشروع إنساني – تُثار تساؤلات قانونية حساسة:
هل يمكن بيع هذا العقار بعد الوفاة؟ وهل يُشترط الحصول على إذن قضائي؟ وما دور الورثة ومكتب التركات (Nachlassgericht) في مثل هذه الحالات؟
في هذا المقال نُقدّم إجابات دقيقة لهذه الأسئلة، استنادًا إلى القانون المدني الألماني (BGB) والممارسات القضائية المعمول بها.
أولًا: ما الفرق بين وصية (Testament) وهبة (Schenkung)؟
الوصية (Testament): تصرف قانوني يُنفّذ بعد وفاة الشخص، ويُسجل فيه رغبته بتخصيص عقار أو ماله لجهة معينة.
الهبة في الحياة (Schenkung): تتم خلال حياة الشخص ولا تخضع لإجراءات Nachlass.
نحن هنا نتحدث عن وصية بعقار مخصص لعمل خيري، وهذا ما ينظّمه القانون بصرامة، خاصة إذا قرر الورثة بيع العقار بدلًا من استخدامه مباشرةً للعمل الخيري.
هل يُسمح ببيع العقار الموصى به لأغراض خيرية؟
نعم، ولكن بشروط صارمة، خاصةً إذا ورد في الوصية:
نص صريح يقول بعدم البيع
أو نص يربط العقار بالغرض الخيري بشكل مباشر (z. B. "استخدامه مسجدًا" أو "كدار أيتام")
في هذه الحالات، العقار يُعتبر "Zweckvermächtnis" – أي عقار مقيّد بهدف معيّن، وليس فقط مالاً يمكن التصرف فيه.
متى تُطلَب موافقة المحكمة؟
تُطلب موافقة Nachlassgericht (محكمة شؤون التركات) في الحالات التالية:
إذا كان البيع يُخالف الغرض المقصود في الوصية (z. B. تم التوصية باستخدامه مسجدًا، لكن الورثة يريدون بيعه وتوزيع المال).
إذا كانت الجهة المستفيدة من العقار جهة خيرية غير محددة بدقة (مثل "للمسلمين" أو "للأعمال الخيرية").
إذا كان الورثة يتصرفون بالعقار نيابة عن القُصَّر أو فاقدي الأهلية.
إذا كانت الوصية موثقة رسمياً عند كاتب عدل وتتضمن بنوداً تقييدية صريحة.
في هذه الحالات، يحق للمحكمة:
رفض البيع
أو اشتراط استخدام المال حصريًا للغرض الخيري
أو تعيين مشرف على تنفيذ الوصية (Testamentsvollstrecker)
ما الذي يُطلب لتقديم طلب الموافقة على البيع؟
الوثائق الأساسية التي تحتاجها المحكمة:
نسخة من الوصية الأصلية (Testament)
تقييم العقار (Verkehrswertgutachten)
موافقة الجهة الخيرية المستفيدة (إن وُجدت)
شرح مفصّل للغرض من البيع ولماذا لا يمكن تحقيق الهدف المقصود بالعقار نفسه
يُفضَّل تقديم الطلب عبر محامٍ مختص في قانون التركات (Erbrecht).
من يراقب استخدام المال بعد البيع؟
إذا وافقت المحكمة على البيع، وخصوصًا إذا كان الغرض دينيًا أو خيريًا عامًا، فقد:
تُلزم الجهة المستفيدة بإثبات استخدام المال بما يتفق مع الوصية.
تطلب إشراف جهة حكومية (z. B. Finanzamt für Körperschaften أو Aufsichtsbehörde für Stiftungen).
تُشترط إدارة المال عبر جمعية خيرية معترف بها (gemeinnütziger Verein) وليس شخصًا طبيعيًا.
ملاحظات شرعية
وفقًا للفقه الإسلامي، إذا أوصى المسلم بعقار ليُستخدم "وقفًا"، فلا يجوز بيعه إلا للضرورة القصوى، ويجب توجيه العائد بالكامل لنفس الغرض الوقفي.
لذا يُنصح الورثة المسلمون بالالتزام قدر الإمكان بنص الوصية وعدم التصرف بالعقار إلا بعد استشارة فقهية وقانونية.
خلاصة
بيع العقار الموصى به لأغراض خيرية في ألمانيا ممكن، لكن لا يتم تلقائيًا.
تدخُّل المحكمة ضروري في حالات كثيرة، خاصةً إذا ارتبطت الوصية بشرط ديني أو غرض اجتماعي مُحدد.
الشفافية، التوثيق، واحترام إرادة المتوفّى هي الأساس في هذه العملية، وتساعد على تجنّب النزاعات القانونية.
---------------------------------------
ـ* يحرص فريق الكتاب والمحررين في موقع على تقديم معلومات دقيقة من خلال بحث مكثف واطلاع على عدة مصادر عند كتابة المقالات، ومع ذلك قد تظهر بعض الأخطاء أو ترد معلومات غير مؤكدة. لذلك، يُرجى اعتبار المعلومات الواردة في المقالات مرجعية أولية والرجوع دائماً إلى الجهات المختصة للحصول على المعلومات المؤكدة.