الاحتماء بالكنيسة هرباً من الترحيل في ألمانيا

الاحتماء بالكنيسة هرباً من الترحيل في ألمانيا 

(Kirchenasyl – Zwischen Tradition kirchlicher Gastfreundschaft والقانون العام) 

مقدّمة 

منذ الثمانينيات تجدُ بعض العائلات المهدَّدة بالترحيل في ألمانيا ملاذاً في أقبية الكنائس وأروقتها. هذا «الاحتماء بالكنيسة» لا يعطّل القانون ولا يوقف عجلات الدولة، لكنه يجمّدها مؤقّتاً لإتاحة إعادة فحص ملفّ إنساني تُعدّه أبرشية محليّة. فهل يحظى مَن يدخل الكنيسة بحماية قانونيّة حقاً؟ أم أنّه مجرّد تقليد أخلاقي قابل للكسر في أي لحظة؟ السطور الآتية ترسمُ الخريطة التشريعيّة والعمليّة الكاملة لهذه الظاهرة التي تقف عند تخوم الحرّية الدينيّة وسلطة الدولة على الأجانب. Shape 

1. أصل الفكرة: من «حق الملجأ» إلى Kirchenasyl 

  • جذور تاريخية: تقليد «حقّ الملجأ» يعود إلى العصور الوسطى؛ أعادت الكنائس البروتستانتية والكاثوليكيّة إحياءه في ألمانيا الحديثة لحماية لاجئين مهدَّدين بترحيل ذي تبعات إنسانيّة جسيمة. 

  • مرتكز دستوري غير مباشر: لا يوجد نصّ يمنح الكنيسة حقّ منع الشرطة، لكن مادّة 4 من القانون الأساسي تحمي حرّية الدين وممارسة الطقوس داخل أماكن العبادة، ما يدفع الدولة إلى احترام قدسيّة الفضاء الكنسي حتى أقصى الحدود الممكنة. (Gesetze im Internet) Shape 

2. الوضع القانوني: «تسامح مُنظَّم» لا «حقّ حصري» 

القاعدة القانونية 

الخلاصة 

المسألة 

 

جزئياً – الفضاء الديني يتمتّع بحماية معزَّزة، لكن ليست مطلقة كالمسكن الخاص. 

يظلّ الدخول القسري ممكناً بأمر قضائي. 

هل الكنيسة «مسكن» بمفهوم المادة 13 GG؟ 

 

لا. 

الاحترام قائم على الأعراف والتفاهم السياسي–الديني. 

هل يوجد نصّ يجرّم اقتحام الشرطة للكنيسة؟ 

 

لا. 

الكنيسة ليست جهة مانحة لتصاريح، والاحتماء لا يوقف سريان أوامر الترحيل قانوناً. 

هل الاحتماء بالكنيسة يؤسّس لحق إقامة؟ 

 

خلاصة: Kirchenasyl ليس «مؤسّسة قانونيّة»، إنّما يُحترم أخلاقياً وتُدار ملفّاته ضمن اتفاق إداري مع الدولة. (BAMF) Shape 

3. اتفاق 2015 بين الكنائس ووزارة الداخليّة/BAMF 

  • أُبرِم لتحديد آلية «الدوسيه»: على الأبرشية تقديم ملفّ إنساني مفصَّل خلال شهر من دخول اللاجئ إلى الكنيسة. 

  • يحقّ لـ BAMF إعادة فتح القضيّة وممارسة «حقّ الدخول الفردي» (Selbsteintritt) إذا ثبتت حالـة مشقّـة استثنائية. 

  • لا يجوز للكنائس استعمال الاحتماء «كاعتراض سياسي على نظام دبلن»، بل كـ«وسيلة أخيرة» (ultima ratio) عند خوف مُحَدَّد على الحياة أو الكرامة. (BAMF) Shape 

4. علاقة الكنيسة بنظام دبلن: ماذا عن مهلة الـ 6 أشهر؟ 

  • القاعدة: لدى ألمانيا 6 أشهر لترحيل طالب اللجوء إلى الدولة الأوروبيّة المختصّة. 

  • الجدل حول الـ 18 شهراً: للمكتب الاتحادي تمديد المهلة إذا اعتبر الشخص «هارباً». لكن الخبير القانوني أقرّ بأنّ من يوجد في «كنيسة معلومة العنوان» ليس هارباً؛ لذا لا تُمدَّد المهلة تلقائياً 

  • في حال حجبت الكنيسة العنوان أو رفضت التعاون، يمكن للسلطات تصنيف اللاجئ «متوارياً» وتمديد المهلة لتصبح 18 شهراً. Shape 

5. الأرقام الأحدث: ارتفاع ملحوظ عام 2024–2025 

العام 

إجمالي الحالات المبلَّغة لـ BAMF 

إنجيليّة 

كاثوليكيّة 

كنائس حرّة 

2024 

2 386 

1 813 

425 

148 

الربع الأول 2025 

617 

 

 

 

(DIE WELT) 

الزيادة تُفسَّر بضغط سياسي متصاعد للترحيل، ما يدفع طالبي اللجوء إلى البحث عن «ملاذ نهائي» قبل انقطاع السبل. Shape 

6. تشديد واجهته الكنيسة عام 2024–2025 

  • أول إجلاء قسري من كنيسة منذ عقود تمّ في مايو 2024 ببلدة بينِنبوتّل (سكسونيا السفلى)، وأثار صدمة واعتبرته المنظمات «كسرَ تابو». (DIE WELT) 

  • وزراء داخلية عدّة – مثل هامبورغ – دعوا إلى «مراجعة التفاهم» معتبرين أنّ «الكنيسة لا تعلو على القانون». (DIE WELT) 

  • في نوفمبر 2024 ناقش البوندستاغ اقتراحاً لإلغاء الاتفاق مع الكنائس، لكنه لم يحظَ بالأغلبية حتى تاريخ 18 مايو 2025. (AfD-Fraktion im Deutschen Bundestag) Shape 

7. حقوق وواجبات من يلجأ إلى الكنيسة 

  1. الإفصاح عن المكان: لضمان عدم اعتبارك «هارباً» يجب أن تُبلّغ الكنيسة العنوان والهوية للسلطات. 

  1. إعداد «دوسيه» خلال 4 أسابيع يبيّن خطورة الترحيل على الصحة أو الأسرة أو السلامة الجسدية. 

  1. التعاون مع BAMF في المراسلات الطبيّة أو التقارير النفسيّة. 

  1. الخروج الطوعي إذا رُفض الدوسيه خلال 3 أيام – وإلّا تُعتبَر الإقامة «غير شرعيّة». 

  1. عدم مغادرة حرم الكنيسة دون تنسيق، كي لا تخسر صفة «الاحتماء» وتعود مهلة الترحيل العاديّة. 

8. حدود السلطة الشرطيّة داخل الكنيسة 

  • يظلّ للشرطة حقّ الدخول بأمر قضائي أو في حالة خطر داهم كالتهديد بالحياة أو جريمة عنف داخل الحرم. 

  • حتى اليوم تُفضِّل الولايات «الحوار الهادئ» وتتحاشى المداهمات، خشية التصعيد المجتمعي. غير أنّ سابقة 2024 بيّنت أنّ «التسامح» قد ينكسر إذا اعتُبر الاتفاق مُسيئاً للتوازن بين الإنسانية وسيادة القانون. (DIE WELT) Shape 

9. أسئلة شائعة (FAQ) 

الردُّ المختصر 

السؤال 

 

لا؛ الاحترام قائم على العُرف والاتفاق الإداري، ويمكن كسره بأمر قضائي. 

هل توفر الكنيسة حصانة كاملة ضد الشرطة؟ 

 

لا توجد ملاحقة ما دامت السلطات مُبلَّغة، وفق اجتهاد OLG بافاريا 2022، لكن تقديم بيانات كاذبة قد يعرّضك للمساءلة. 

هل أُحاسَب جنائياً إذا ساعدتُ لاجئاً على الاختباء؟ 

 

الحالات الأسرية المهدَّدة، الأمراض النفسية الجسيمة، ضحايا التعذيب أو الاتجار؛ النجاح أقلّ من 15 % حسب تقديرات منظمات الكنيسة. 

متى ينجح الدوسيه؟ 

 

لا، إلا إذا صُنِّفت «متوارياً» بعَدَم الإفصاح عن العنوان. 

هل تُمدَّد مهلة الترحيل آلياً؟ 

 

مغادرة الكنيسة وطلب تعليق الترحيل لأسباب إنسانية (§ 60a AufenthG) أو اللجوء إلى القضاء الإداري. 

ما البديل إذا رُفض الدوسيه؟ 

 

 خاتمة 

الاحتماء بالكنيسة في ألمانيا يظلُّ «منطقةً رماديّة» بين رحمة العقيدة وصلابة الدولة. ليس درعاً قانونياً، بل «هدنة إنسانية» قصيرة تتيح إعادة النظر في تفاصيل قد تغيّر المصير. ومع تزايد الضغوط السياسيّة لتسريع الترحيل، يبدو مستقبل هذا التقليد رهنَ قدرة الكنائس والسلطات على الحفاظ على خيط رفيع من الثقة المتبادلة. 

الدرس الأهم: إن كنتَ أو من تدعمه يواجه خطر الترحيل، فالمعرفة الدقيقة بخطوات «الدوسيه»، والشفافية مع السلطات، والدعم القانوني المتخصّص – كلّها مفاتيح تحوّل الاحتماء من مجرّد لجوء روحي إلى فرصة قانونيّة حقيقيّة.  

--------------------------------------- 
ـ* يحرص فريق الكتاب والمحررين في موقععلى تقديم معلومات دقيقة من خلال بحث مكثف واطلاع على عدة مصادر عند كتابة المقالات، ومع ذلك قد تظهر بعض الأخطاء أو ترد معلومات غير مؤكدة. لذلك، يُرجى اعتبار المعلومات الواردة في المقالات مرجعية أولية والرجوع دائماً إلى الجهات المختصة للحصول على المعلومات المؤكدة. 

 


Teilen: