لجوء الأطفال القُصّر غير المصحوبين في ألمانيا (UMF): نظرة شاملة على الإجراءات ودور Jugendamt
في قلب السياسة الإنسانية الألمانية، يحتل موضوع لجوء الأطفال القُصّر غير المصحوبين بذويهم (Unbegleitete minderjährige Flüchtlinge – UMF) موقعًا خاصًا يتجاوز الأبعاد القانونية ليغوص في عمق المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للدولة. هؤلاء الأطفال، الذين يصلون إلى ألمانيا وحدهم، غالبًا ما يكونون قد نجوا من الحروب، الاضطهاد، الفقر المدقع، أو الكوارث العائلية، ليبدؤوا فصلًا جديدًا في حياتهم وسط بيئة غير مألوفة بالكامل. كيف تستقبلهم ألمانيا؟ ما هي الإجراءات التي يخضعون لها؟ وما الدور المحوري الذي تلعبه مكاتب رعاية الشباب (Jugendamt)؟
وفقًا للتعريف القانوني الألماني، يُقصد بالقاصر غير المصحوب كل شخص يقل عمره عن 18 عامًا، يصل إلى ألمانيا دون مرافق قانوني (أب، أم، وصي قانوني)، ويطلب اللجوء أو يحتاج إلى حماية. هؤلاء القُصّر يتمتعون بوضع قانوني خاص في قانون اللجوء والرعاية الاجتماعية الألمانية.
عند وصول الطفل إلى ألمانيا، سواء عبر الحدود أو عند تسليم نفسه للشرطة، تبدأ الخطوة الأولى بتسجيله لدى السلطات. يتم إبلاغ مكتب رعاية الشباب (Jugendamt) فورًا، ليبدأ ما يُعرف بـ إجراء التوزيع الأولي الطارئ.
لا يتم إرسال الأطفال القُصّر إلى مراكز اللجوء العامة، بل يتم تحويلهم مباشرة إلى رعاية شبابية متخصصة.
عند استلام الطفل، يقوم Jugendamt بتنفيذ ما يُعرف بـ Klärung des Hilfebedarfs، أي تقييم الحاجة إلى الدعم، ويشمل ذلك:
وفي حال لم يكن لدى الطفل وثائق تثبت عمره، يمكن أن يُطلب منه الخضوع لفحص طبي لتقدير عمره، وهي مسألة تخضع دائمًا للجدل القانوني والأخلاقي.
بما أن الطفل ليس لديه وصي قانوني، يقوم Jugendamt بتقديم طلب إلى المحكمة المختصة لتعيين وصي مؤقت (vorläufiger Vormund). هذا الشخص القانوني (غالبًا من Jugendamt أو من جمعية مختصة) يتولى:
لاحقًا، قد يتم تعيين وصي دائم (Vormund) إذا استقرت أوضاع الطفل.
يُمنع القاصر من تقديم طلب اللجوء بنفسه إلا بوجود وصي. بعد تعيين الوصي المؤقت، يُقدَّم الطلب الرسمي لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF). هذا الطلب يتم التعامل معه بحساسية خاصة، وتُعطى أولوية لمعالجة ملفات الأطفال القُصّر.
يُراعى في المقابلة مع BAMF وجود وصي ومترجم، مع مراعاة الجانب النفسي للطفل أثناء السرد، خاصة إذا كان قد تعرّض لصدمات.
الأطفال القُصّر غير المصحوبين لا يتم وضعهم في مراكز استقبال اللاجئين، بل يُنقلون إلى:
يحصل الطفل على دعم نفسي، اجتماعي، وتعليمي، ويتم تسجيله في المدارس أو برامج تأهيل لغوي ومهني.
بموجب القانون، يتمتع الأطفال القُصّر في ألمانيا بحق التعليم دون تمييز، ويتم تسجيلهم في مدارس عامة بعد مرحلة التقييم الأولي. كما يتمتعون بتأمين صحي يشمل العلاج الطبي والنفسي، وهو أمر حيوي خاصة في حالات الصدمة أو العنف الجنسي أو فقدان الأهل.
إذا ثبت وجود أقارب من الدرجة الأولى في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، يمكن التقدّم بطلب لمّ شمل عبر آلية دبلن III. في هذه الحالة، تكون الأولوية لراحة واستقرار الطفل، وقد تقرر ألمانيا في بعض الحالات الاحتفاظ بالملف لأسباب إنسانية إذا كان اللمّ الشمل غير مناسب لمصلحته.
عند بلوغ الطفل 18 عامًا، يتحوّل وضعه القانوني من "قاصر غير مصحوب" إلى "طالب لجوء بالغ". ورغم ذلك، فإن الرعاية لا تتوقف فجأة. يحق له البقاء في برامج الشباب حتى سن 21 في بعض الحالات، خاصة إذا كان لا يزال يدرس أو يعاني من ظروف خاصة.
لكن في هذه المرحلة، يُعاد تقييم طلب لجوئه كراشد، وقد تتغير فرص قبوله أو استمرار الحماية.
رغم الإطار القانوني المتقدم، إلا أن الأطفال القُصّر غير المصحوبين يواجهون عدة تحديات، منها:
التعامل مع ملف الأطفال القُصّر غير المصحوبين في ألمانيا يعكس التزام الدولة بحماية الفئات الأضعف، لكن الطريق ليس مفروشًا بالورود. فهم الإطار القانوني، الإجراءات، والدور الحاسم لـ Jugendamt يُعد أمرًا جوهريًا لضمان حصول هؤلاء الأطفال على حياة جديدة آمنة وكريمة.
هذه الفئة لا تبحث فقط عن مأوى، بل عن فرصة لإعادة بناء الطفولة التي اختُطفت منها في ظروف قاسية. وألمانيا، بما تملكه من بنية قانونية ومؤسساتية، تظل واحدة من الدول القليلة التي تمنحهم هذه الفرصة الحقيقية.
ـ يحرص فريق الكتاب والمحررين في الموقع على تقديم معلومات دقيقة من خلال بحث مكثف واطلاع على عدة مصادر عند كتابة المقالات، ومع ذلك قد تظهر بعض الأخطاء أو ترد معلومات غير مؤكدة. لذلك، يُرجى اعتبار المعلومات الواردة في المقالات مرجعية أولية والرجوع دائماً إلى الجهات المختصة للحصول على المعلومات المؤكدة.